الاثنين، 26 أبريل 2010

في مخيلة طفل


كان يقف أمام باحة منزله وينظر من حوله إلى الحمام وهو يهبط أمامه باحثا عن الطعام...
تساءل حينها, هل يشعر الحمام بما يشعر به؟
وهل يعلم أن ما يدور في خاطره هو أن يقترب منها ويلامسها بأصابعه الصغيرة؟
وحينها تمنى لو أن الحمام ينطق لتسمعه وهو يقول لها اقتربي...
اقتربي لكي نهلوا معا, فأنا مثلك أبحث عن صديق...
بل تمنى لو يتعلم لغة الحمام لكي يطلب منها أن ترفعه إلى السماء ويحلق معها بين السُحب...
وكم تمنى لو أن الناس أحسوا بالمشاعر التي تتضارب بداخله...
أو لو أن للمشاعر كلمات تنطق بما رسمه خياله...
وأطلقها عنانه في لوحة رسمتها يد صغيرة وموقعة باسم...
طفل يتيم

السبت، 24 أبريل 2010

لأجلك


فتحت عيني على أصوات طيور النورس وهي محلقة في السماء وأنا ما زلت مستلقي بظهري على رمال الشاطئ الباردة مبتلا بمياه البحر الجارفة فقد اعتد رؤية هذا الجمال مع جدي كل يوم وهو يحكي لي وفي هذا المكان مغامراته الشيقة معه, كان إنسانا عظيما حتى بعد وفاته لازال الناس يذكروه ولأجل ذكراه آتي إلى هنا كل يوم لأشتم رائحته العذبة أو لعل طيفه يزورني اليوم...ويحكي لي مغامرة جديدة.

أكاد لا أفقدها

لا زلت أذكر اسمها, لا زلت اسمع صدى صوتها كلحن تعزفه مشاعر قلبي نحوها, لا زلت اذكر ملامحها تعيدني إلى مهد الصبا معها حيث كان أول لقاء بيننا في منزل أختها الكبرى।اسمع دقات قلبي تتسارع بداخلي حتى خفت أن تسمعه وأنا أسألها "هل تحبين أن تلعبي معي؟"أجابت "بماذا؟"لم يكن في خاطري أي شيء وقتها ولكنه كان السؤال على طرف لساني فسألتها إياه لتسبقني وهي تقول "ما رأيك في أن نلعب كرة القدم؟""كرة القدم" قلت في نفسي, حيث كانت هي آخر اهتماماتي ولكني رفضت وفضلت لو أن نكتفي بالحديث, كان في داخلي الفضول نحوها ولدي العديد من الأسئلة لأسألها ولكن لم أكن أعرف من أين أبدأ...نظرتُ إلى عينيها, كانت تفكر بشيء ما وهي تحدق به, تتبعت نظراتها وعرفت أنها تفكر بكرة القدم, كانت هناك في زاوية الغرفة حيث نجلس تطلعت نحوي وقالت "في صغري كنت ألعب الكرة مع أولاد الحي كانوا يخافونني ولا يجرؤن على الصراع معي لأنني كنت قوية ولا زلت"ظللت استمع إليها وهي تثرثر إلي بذلك الكلام الفارغ فأنا لا أصدق حرف منه, هي فتاة والفتيات لسن أقوى منا "نحن الفتيان" ولكن تأكدت من صحة كلامها حين قفزت من مكانها تلتقط كرتها من فتيان صغار أتوا ليلعبوا بها, صرخت في وجههم وقالت "هي ليست لكم, هيا اذهبوا والعبوا في مكان آخر ولا أريد رؤيتكم هنا" كانت توبخهم وكأنها توبخني لقد شعرت به, شعرت بقوتها فخفت يوم عادت وجلست بجانبي تعيد إلى وجهها تلك الابتسامة البريئة وهي تنظر إلي...كان هناك شيء بداخلي, شيء أخاف أن أبوح لها به ولكن لا أستطيع, فأنا ما زلت في الرابعة عشر من عمري وهي في السادسة عشر وهو يؤلمني بصدري وأخاف من أن أفقده, إذ ظل معلقا كالغصة يخنقني।قالت "ما بك؟!"قلت "لا شيء"كذبت...كذبت عليها, بل كذبت على نفسي, رسمت على وجهها ابتسامة وغمزت لي بتلك النظرة التي خطفت قلبي مني وجعلتني اضحك دون شعور معها।استيقظت من نومي واتجهت صوب مرآتي لأنظر إلى ذلك الوجه البريء وقد ملأته التجاعيد فقد كبرت عشرون عاما وما زلت أذكر ضحكتها, ولا زلت أشعر بأني... أفتقدها.

الشارع

جلس الطفل على طرف درجات سلم منزلهم الخارجي يتأمل الشارع والناس من حوله, شاهد رجل عجوزا يعبر الشارع ويتكأ بعكازه على الأرض في خطوات شعر فيها بتباطؤ الزمن معه, أشاح بناظره عنه ورأى في نهاية الطرف الآخر من الشارع طفل صغير يكبره سنا ويقود دراجته الهوائية مشكلا حلقات على الأرض, كان سعيد وكأنه يحاول أن يجعل الزمن يتقدم بسرعة لكي يكبر ويكبر ويصبح رجلا حرا في تصرفاته, نظر الطفل أمامه إلى منزل جاره والذي لا يعرف اسمه إلى الآن وهو يخرج من منزله والنظارة السوداء تغطي عينيه وكأنه يحاول منع الناس من أن يروا كآبة الزمن الذي يعيشه وهو يركب سيارته الحديثة وينطلق مسرعا بها إلى ما تبقى من عمره ليعيشه, كانت هذه ما رأته عيني طفل صغير و الصورة التي رسمها يومه له قبل أن يعود إلى داخل منزله ليأتي غدا...لعل الغد يكون أفضل.